الجمعة، 18 مايو 2012

الفقر في مملكة الذهب: الأب خلف القضبان.. أسرة حمارها سيارة فارهة



 فهد الرياعي ـ أبها
     
بعيدا عن ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم، تعيش أسرة مكونة من 14 فردا في خميس مشيط حياة بدائية بحتة منذ 19 عاما، بدءا بمسكنهم المكون من خيام وشبك خالية من مقومات الحياة الحديثة (كهرباء وماء)، وقوت يومهم المتواضع الذي يصلهم عبر فاعلي خير وبعض الجمعيات الخيرية.
وفي حين يقبع والدهم ومعيلهم الوحيد ظافر أبا الشيخ (70 عاما) خلف القضبان منذ يومين، جراء شكوى مقدمة ضده من بلدية خميس مشيط نظير تعديه على أرض ووضع خيامه عليها، يصر أربعة من أبنائه (سريح 14 عاما، فايع 12 عاما، عبد الله عشرة أعوام، وأحمد تسعة أعوام) على شق طريقهم يوميا إلى مدرستهم التي تبعد عن مقر سكنهم (20 كيلو مترا)، ممتطين ظهر حمار أحضره والدهم كي يكون وسيلة نقلهم الوحيدة.
وأوضح سريح ظافر الذي يدرس في المرحلة المتوسطة أن رغبتهم في العلم والبحث عن مستقبل أفضل، حولت الحمار في نظرهم إلى سيارة فارهة، يتناوبون على اعتلائه وفق اتفاقية أبرموها بينهم رحمة به، وحتى لا يثقلوا كاهل وسيلة نقلهم الوحيدة ومن ثم خسارته.
رحلة الكفاح في عيون أولئك الصبية لم تقف عند امتطاء ظهر حمار قاطعين الأودية والشعاب حتى يصلوا إلى مدارسهم، وإنما تطورت إلى تجاوز العبارات التي يمطرها عليهم أقرانهم في المدرسة، وملاحقتهم بالكاميرات بغية تصويرهم لحظة اعتلائهم الحمار.
وبحسب سريح، كانوا يلجأون في بادئ الأمر إلى إخفاء حمارهم بعيدا عن المدرسة تجبنا للحرج من زملائهم، بيد أن انكشاف أمرهم دفعهم إلى ربطه في فناء مدرستهم الخارجي، مضيفا: «الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ نخرج أحيانا ولا نجد حمارنا في مكانه بسبب تعمد فك وثاق الحمار وإطلاقه، فنستغرق وقتا طويلا في البحث عنه، فيما يلجأ آخرون إلى إخافته وضربه أثناء تواجدنا عليه، ونضطر لتركه يهرب ومن ثم نعود للحاق به».
وخلص سريح إلى أن معلميهم يذودون عنهم ويعاقبون من يلمزهم أو يتسبب لهم في متاعب، لكن ذلك لا يمنعهم من مواجهة تقلبات الطقس وطول المسافة، والتي تسببت لهم غير مرة في امتناع الإدارة عن إدخالهم إلى المدرسة، نظير تأخرهم عن وقت الحضور. 
من جهته، نفى مدير إدارة التعليم في منطقة عسير الدكتور عبد الرحمن الفصيل علمه أو اطلاعه على الحالة في وقت سابق، مؤكدا عزم إدارته الوقوف عليها بالتنسيق مع إدارة المدرسة، توطئة لتخصيص نقل لهم من وإلى المدرسة متى وجدت الإمكانية لذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق