الجمعة، 8 يونيو 2012

مقال للنقاش: الربيع العربي يتجه للسعودية







منذ شهر كانون الثاني (يناير) يتمتع العالم العربي، على الورق على الأقل، بفصل واحد فقط هو الربيع.

وفي اوسلو يريدون بجدية ان يمنحوا جائزة نوبل للسلام لمتصفحي الانترنت الشباب، الذين ساعدوا على ازاحة بن علي ومبارك والقذافي عن مقاعدهم، رغم ان كثيرين في العالم قد استشعروا في أنفسهم بان الربيع في مصر وتونس وليبيا يوشك ان يصبح غائما بل ماطرا.
مهما يكن الامر فان المفارقة الساخرة هي ان الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وهو كابح الربيع في الخليج وأحد معارضي كل انفتاح في العالم العربي، واحد من المساهمين الكبار (لا بالمال، من اجل التغيير) في المسار التاريخي. فعبد الله أعطى الربيع العربي الهدية المحسوسة الكبرى وهي حق النساء في التصويت.
لم تُحب السعودية، اذا لم نشأ المبالغة، الاضطرابات في الشارع العربي، فقد تابعت المملكة المحافظة جدا بقلق انهيار الانظمة العربية وأوجب تأثير الدومينو على الملك عبد الله ان يرد، وبيّن أهم حليف لواشنطن للامريكيين انه ينبغي عدم المس بساحته الخلفية.
shrqiaوهكذا نجح في أن يقمع ماديا (شاركت قوات سعودية في تفريق المظاهرات) التمرد الشيعي في البحرين وفي أن يمنح رئيس اليمن علي عبد الله صالح ملجأ وأن يقمع بالطبع من غير أن يعترض أحد تباشير التمرد الشيعي الذي نشب شرق السعودية في شهر آذار (مارس)، في حين كان يمنح المواطنين سلسلة فضلات اقتصادية. حصرت امريكا ودول الغرب عنايتها أكثر في ما يحدث في شمال افريقيا ـ في مصر وتونس وليبيا ـ وتركت للسعوديين مجال عمل واسعا في منطقة تأثيرهم المباشرة. وسبب ذلك اذا استثنينا النفط السعودي والشراكة الناجحة مع عبد الله هو ان الغرب لم يشأ إضعاف العدو الأكبر لايران في العالم الاسلامي.
وهنا فان المفارقة هي أنه من بين كل الأحداث في العالم العربي منذ يناير فان الخبر عن الاصلاح في السعودية الذي يقضي بأن النساء يستطعن المشاركة في انتخابات السلطات المحلية وأن ينتخبن ويُنتخبن هو الخبر الأهم.
ينبغي أن نذكر أن النساء في المملكة المحافظة لا يستطعن حتى أن يقُدن أو يعملن أو يغادرن الدولة من دون أزواجهن، وها هو ذا الملك يُبشر فجأة بأنهن يستطعن منذ 2015 المشاركة في الانتخابات البلدية.
أوضح الملك انه لا يتعدى الشرع. ولما كانت الشريعة تمنع النساء في مؤسسات القيادة فقد استقر رأيه مع الفقهاء على إشراك النساء بصفة اعضاء على الأقل في السلطات البلدية. وهذه أول مرة في التاريخ بالفعل تدخل فيها النساء المجال السياسي في السعودية. وقد صفق البيت الابيض للقرار.
هذا الاجراء مهم ايضا في سياق الجدل الجوهري في شأن الربيع العربي. فاولئك الذين يتابعون بقلق التغييرات هناك يشكون في قدرة تلك المجتمعات على تغيير صبغتها والتحول الى ديمقراطيات في الأمد القصير ـ المتوسط. ان ما فعلته السعودية برهان على ان تغييرا اجتماعيا سيأتي حتى لو احتاج الى سنين كثيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق